الإمام ناصر محمد اليماني
09 – 09 – 1431 هـ
19 – 08 – 2010 مـ
07:00 صباحاً
ـــــــــــــــــــ
كونوا عبيداً لله فشمّروا وأعلنوا التنافس لكافة عبيد الله في حُبّ الله وقربه ما استطعتم من غير تعظيمٍ لأحدٍ من عبيد الله ..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسَلين والحمدُ للهِ ربِّ العالمين..
وما يلي اقتباس من بيان محمود المصري:
فكما اود ان انافسكم فى حب الله وقربه واسبقكم اليه فى تلك الحين اتمنى ان تسبقنى يا ناصرى لحب الله وكما اتمنى ان اكون اقرب الى الله منك اتمنى لك ان تكون اقرب الى الله منى
انتهى الاقتباس
ومن ثمّ يردُّ عليك الإمام ناصر محمد اليماني وأقول: اسمح لي حبيبي في الله أن أقول إنّك لمِن الخاطئين، وإنّما تحب لأخيك المؤمن من الخير والشر ما تحبّه لنفسك من أجل الله طمعاً في حُبّه وقربه ومرضات نفسه، ولكن حين يكون الأمر متعلقاً بذات الله سبحانه فالأمر يختلف يا محمود، فلا ينبغي لك أن تتفضّل بالله سبحانه على من سواك من عبيده وتتمنّى أن يفوز بحبّه وقربه غيرك من عبيد الله، إذاً تفضلت بالله وتمنيّت أن يفوز به سواك! فهل بعد الحقّ إلا الضلال؟ وقال الله تعالى:
{فَذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يونس].والسؤال الذي يطرح نفسه لحبيبي محمود هو: فما دُمت فضّلت عبداً من عبيد الله أن يكون هو أحبّ إلى الله منك وأقرب، فمن أجل حُبّ وقرب مَن يا محمود؟ فإن قُلت: “مهلاً مهلاً يا ناصر محمد اليماني، إنّما من تمنيت أن يفوز بأعلى درجةٍ في حُبّ الله وقُربه هو محمدٌ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم”، ومن ثمّ يردُّ عليك الإمام ناصر محمد اليماني وأقول: فمِن أجل مَن فعلت ذلك؟ فإن قاطعني محمود وقال: “بل من أجل الله طمعاً في حُبّه وقربه”، ومن ثمّ يردُّ عليك الإمام المهديّ وأقول: ولكنّك قد تفضَّلت بربّك فتمنّيت أن يفوز بأعلى درجة في حبّه وقربه سواك يا محمود! وانتهى الأمر لأنّه لا يوجد هناك إلهٌ آخر فوق الله سبحانه حتى تتفضّل بأعلى درجة في حُبّ الله وقربه من أجل الفوز بأعلى درجةٍ في حبّ الإله الآخر سبحانه وتعالى علوّاً كبيراً، فتذكر قول الله تعالى:
{فَذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يونس].ولذلك تجدُ عبيد الله المخلصين الذين لا يشرِكون بالله شيئاً يتنافسون إلى ربّهم أيُّهم أحبّ وأقرب ولم يفضِّلوا بعضهم بعضاً على ذات الله سبحانه، تصديقاً لقول الله تعالى:
{يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} صدق الله العظيم [الإسراء:57].وأمّا ناصر محمد اليماني فحين بُشِّر بأعلى درجةٍ في الجنة فرفضها وأهداها لجدّه إن يشاء الله وإلى الله يرجع الأمر فلم أفعل ذلك إلا لكي يتحقّق لعبده النّعيم الأعظم منها فيكون الله راضياً في نفسه، وذلك من شدّة حُبّي لربّي، فكيف أكون سعيداً في جنّة النّعيم ومن أحببتُه أكثر من كلّ شيء ليس بسعيدٍ في نفسه وحزين على عباده الذين ظلموا أنفسهم؟ إذاً فانا ضحّيت بالدرجة من أجل الله يا محمود وهو أن يكون حبيبي قد رضي في نفسه. ولذلك تُسمّى بالوسيلة وأنفقتها لو ملكتها من أجل تحقيق الغاية التي ينحصر فيها الحكمة من خلقي وهو أن يكون الله راضياً في نفسه وذلك لأنّي أعبدُ رضوان الله كغاية وليس كوسيلة، فذلك هو النّعيم الأعظم أن يرضى الله في نفسه ولم يعُد مُتحسّراً ولا حزيناً على عباده الذين ظلموا أنفسهم.
إذاً يا محمود، إنّ سرّ الشفاعة مُتعلّق بحقيقة اسم الله الأعظم، ألا وإنّ حقيقة اسم الله الأعظم هو صفة رضوان الله في نفسه، فإن يَرْضَ الله في نفسه فقد تحقّقت الشفاعة، ولذلك تجد العبد الذي أذِن الله له بالشفاعة يُحاجّ ربّه في تحقيق النّعيم الأعظم من جنّته وهو أن يرضى الله في نفسه ولم يعد متحسِّراً ولا حزيناً على عباده الذين ظلموا أنفسهم، فإذا تحقّق رضوان الله في نفسه فهذا يعنى أنّها تحقّقت الشفاعة لعباده، وإنّما عبده الذي أذِن الله له أن يُخاطب ربّه في مسألة الشفاعة فلن تجده يشفع لأحدٍ من عبيد الله سبحانه وتعالى علوّاً كبيراً، فمن ذا الذي هو أرحم بعبيده من الله أرحم الراحمين! بل أذِن الله لعبده أن يُخاطب ربّه لأنّه سوف يقول صواباً لأنّ الله يعلم أنّه لن يشفع عبده لأحدٍ من عباده بين يدي ربّه، ولا ينبغي له أن يشفع حتى لأمّه ولا لأبيه، فليس هو أرحم بأمّه وأبيه من الله أرحم الراحمين، فهذا يتناقض مع صفة الله في نفسه أنّه أرحم الراحمين، فلا ينبغي أن يوجد في العبيد مَن هو أرحم بالعباد من الله أرحم الراحمين، ولذلك أذِن الله لعبده على علمٍ منه أن لن يشفع لأحدٍ من عباد الله وإنّما سوف يُحاجّ الله ربّه أن يحقّق له النّعيم الأعظم من جنّته، فكيف يكون ذلك؟ يكون عندما يرضى الله في نفسه سبحانه، ولن يكون الله راضياً في نفسه حتى يُدخل عباده في رحمته، وذلك هو سرّ الشفاعة وهي لله جميعاً ولن تتحقّق حتى يرضى، وذلك تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ ﴿٢٦﴾} صدق الله العظيم [النجم].فإذا رضي في نفسه جاءت الشفاعة من الله مباشرة فيُنادي عبده ويقول:
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴿٢٧﴾ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً ﴿٢٨﴾ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴿٢٩﴾ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴿٣٠﴾} صدق الله العظيم [الفجر].وهذا يعني أنّ الله قد رضيَ في نفسه فنادى عبده أن يدخل هو وعباده في جنّته وهنا المفاجأة الكُبرى! فيذهب الفزع عن القلوب الباسرة التي تظنّ أن يُفعل بها فاقرة فيقولون للإمام المهديّ وزمرته:
{قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴿٢٣﴾} صدق الله العظيم [سبأ].ويا حبيبي في الله محمود المصري، وتالله أنّي أولى منك بجدّي محمد رسول الله – صلّى الله عليه وآله وسلّم – فتجدني أفضّله على نفسي في كُلّ شيءٍ في ملكوت الدنيا والآخرة، وذلك لأنّه أحَبّ عبدٍ إلى نفسي في الله من بين عبيد الله جميعاً إلا من الله الذي أُنفق كُلّ شيءٍ من أجل حُبّه وقُربه ونعيم رضوان نفسه، ولكن لو أنفق أعلى درجة في حبّ الله فأتنازل عنها لعبده محمد – صلّى الله عليه وآله وسلّم – فقربةً لمن من بعد الله يا محمود؟ فهل بعد الحقّ إلا الضلال؟ تصديقاً لقول الله تعالى:
{فَذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يونس].وصدق حبيبي في الله الناصر لناصر محمد في مقولته الشهيرة بالحقّ:
وأما الوسيلة فو الله الذي لا اله إلا هو لا أتمناها إلا لنفسي لكي أكون أقرب العبيد إلى الله، فهو أحب إليَّ من رسل الله جميعاً، وهو أحب إليَّ من الإمام المهديّ، وأحب إليَّ من أهلي،وأحب إليَّ من ملكوت السماوات والأرض.
انتهى الاقتباس
فإنّه لا يطمع في ذات الوسيلة يا محمود؛ بل يريد ربّه منافساً في حُبّه وقربه، وصلوات الله وخليفته عليك أيّها الناصر لناصر محمد فقد أدركت الحقّ الذي يريدُ أن يوصله إلى قلوبكم الإمام المهديّ، ويوجد في الأنصار من هو على شاكلتك حتى صار الإمام المهديّ يغير على الله منه ويخشى أن يكون هو أحبّ إلى الله من الإمام المهديّ وأقرب، وحتى ولو كان الإمام المهديّ خليفة الله الشامل فليس معنى ذلك أنّه قد صار أحبّ وأقرب عبدٍ إلى الله! فلا يزال باب التنافس مفتوحاً منذ أن خلق الله السماوات والأرض ولم يُغلق بعدُ إلى يوم يقوم الناس لربّ العالمين، ولا يزال العبد الذي سيفوز بأعلى درجةٍ في حُبّ الله مجهولاً، فهل هو من عبيد الله من الملائكة أم من عبيد الله من الجنّ أم من عبيد الله من الإنس؟ الله أعلمُ فلا يزال مجهولاً، ولذلك تجد العبيد الذين استخلصهم الله لنفسه منذ الأزل القديم لا يزالون يتنافسون إلى ربّهم أيُّهم أقرب حتى الموت، وكل عبدٍ يتمنّى أن يكون هو ذلك العبد، والأمر لله يا محمود، فليس لك ولا للإمام المهديّ ولا لأيٍّ من عبيد الله من الأمر شيء، تصديقاً لقول الله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّـهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّـهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴿٢١٠﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
فيا محمود إن كنت حقًا من الأنصار السابقين الأخيار في عصر الحوار من قبل الظهور قلباً وقالباً صفوة البشرية وخير البريّة فعليك أن تقتدي بهدي الإمام المهديّ المُقتدي بهدي محمدٍ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولكن عليك أن تعلم ما هو الاقتداء بالهدى فانظر إلى أمر الله إلى خاتم الأنبياء والمرسَلين أن يقتدي بهُدى الذين هدى الله من قبله، وقال الله تعالى: {أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} صدق الله العظيم [الأنعام:90].
فهل تجد أنّهُ عليه الصلاة والسلام عظَّمهم بغير الحقّ فترك الله لهم من دونه واعتقدَ أنّه لا ينبغي له أن ينافسهم في حبّ الله وقربه كونه أمره أن يقتدي بهداهم؟ ولسوف أترك الجواب لك من محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [سلوا الله الوسيلة فإنها درجة فى الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد] صدق عليه الصلاة والسلام.
إذاً فهو اقتدى بهُداهم كما أمره الله ومن ثم ينافس الذين اقتدى بهم في عبادة الله وحده ويطمع أن يكون هو أحبّ وأقرب إلى الله منهم، وكذلك كلّ عبدٍ من جميع الأنبياء والمخلصين من الصالحين يرجو أن يكون هو ذلك العبد، ولذلك قال الله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَى ربّهم الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} صدق الله العظيم [الإسراء: 57].
وكذلك الذين يقتدون بهدي الإمام المهديّ وإنّما هو مُجدِّد للدين ابتعثه الله ليعيدكم إلى منهاج النّبوة الأولى، وإنّما هو مُقتدي بهدى الأنبياء من أوّلهم إلى خاتمهم، وإنّما الاقتداء بهم هو أن ينافسهم في حُبّ الله وقربه ويريدُ أن يكون هو العبد الأحب والأقرب، وكذلك أتباع الإمام المهديّ لا ينبغي لهم أن يعظّمونه من دون الله فيحصروا التنافس إلى الله لهُ من دونهم ولا ينبغي لهم أن يعتقدوا أنّهُ لا ينبغي لهم أن يُنافسوا الإمام المهديّ إلى الله، فمن اعتقد بذلك من أنصار الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني فقد أشرك بالله وحبِط عملُه فلا يقبل الله من عمله شيئاً، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} صدق الله العظيم [الزمر: 65].
فإيّاكم وتعظيم الإمام المهديّ! فمهما كرَّمه الله فهو ليس إلا عبدٌ لله مثله كمثلكم ولكم من الحقّ في ذات الله ما للإمام المهديّ فلا فرق بيني وبينكم من الحقّ في ذات الله فلستُ ولد الله سُبحانه وتعالى علوّاً كبيراً؛ بل عبد لله مثلكم ولكم من الحقّ في الله ما للإمام المهديّ خليفة الله عليكم فلا تعظّموا خليفة الله عليكم فتحصروا الله له من دونكم فتظلموا أنفسكم ظُلماً عظيما، تصديقاً لقول الله تعالى: {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} صدق الله العظيم [لقمان: 13].
ولكن كونوا ربانيين مُتنافسين في حُبّ الله وقربه ونعيم رضوان نفسه اقتداءً بهدي كافة الأنبياء: {يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} صدق الله العظيم [الإسراء:57].
فذلك هو الاتّباع والاقتداء بالحقّ أن تكونوا عبيداً لله مثلهم فتُشمّروا فتعلنوا التنافس لكافة عبيد الله في حُبّ الله وقربه ما استطعتم من غير تعظيمٍ لأحدٍ من عبيد الله فتجعلوه خطّاً أحمر بينكم وبين ربّكم، فتعتقدوا أنّه لا ينبغي لكم أن تتجاوزوه إلى الله فإنّ ذلك شرك بالله وذلك لأنّه لا يوجد بين العبيد من له الحقّ في ذات الله أكثر من عبيده الآخرين! فبأيّ حقٍّ؟ ما دام ليس إلا عبدٌ من عبيد الله فهو ليس ولداً لله سبحانه حتى يكون له الحقّ في ذات الله أكثر من عبيده الآخرين سبحانه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، وقال الله تعالى: {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا ﴿٩٣﴾} صدق الله العظيم [مريم].
فلِمَ تُعظِّمون العبيد وتذرون المعبود، أفلا تتّقون؟ اللهم قد بلّغتُ وفصَّلتُ وبيّنتُ، اللهم فاشهد.. اللهم فاشهد.. اللهم فاشهد.
وسلامٌ على المرسَلين، والحمد لله ربِّ العالمين ..
أخوكم عبد النّعيم الأعظم؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني .
_______________